أريــــد أن أستقيم أمنية تؤرق عليهم مضاجعهم …
بل حاجة طالبتهم قلوبهم بها كثيراً …. ولكن ضعفهم يكمن في هذه النفس … التي
تتقاذفهم ( لــكـــن ! ! ! ) بكل أبعاده …
رغبة ورهبة
خوف و اطمئنان
اقبال واحجام
أزعم يقينا أن الكثير أمثالهم يعانون مما يعانون هم وتتملكهم الرغبة كما تتملكهم هم ….
ولكــــن ! ! !
تبقى هذه الكلمة هي الحـــــائل …
إلى نفسي …. وإخوتي فى الله … أهدي هذه الكلمات على هذه الصفحات …
ماهي الاستقامة ؟ منزلة المستقيمين عند الله . أدلة الاستقامة من الكتاب والسنة . ماهي عوائق الاستقامة ؟ أسباب تحصيل الاستقامة ؟ مفاهيم ينبغي أن تصحح من مفهوم الاستقامة .
وعلى بركة الله نبدأ …..
ماهي الاستقامة ؟
عرفها السلف رحمهم الله فقالوا : هي المحافظة على الطاعات الظاهرات والباطنات في جميع الاماكن والأوقات ، وترك المخالفات الظاهرات والباطنات في جميع الأماكن والأوقات .
بمعنى : أن يستقيم الإنسان على شرع الله في كل مكان ، فلا يكون تقياً في مكان وعاصياً في مكان . وفي كل زمان ، فلا يصلح حاله في زمان ويفسد فساداً عظيماً في زمان آخر .
وهي باختصار : المثابرة والمواظبة على التقوى ، والتقوى جزء من الاستقامة ، والإستقامة هي المداومة على التقوى . ويسمى الملتزم بالإستقامة : مستقيم .
أدلــــــة الاستقامــــة
قال تعالى في سورة فصلت : ( فاستقيموا اليه واستغفروه )
قال تعالى في سورة هود : (فاستقم كما أمرت )
قال تعالى في سورة الشورى : ( فلذلك فادع واستقم )
قال تعالى في سورة الفاتحة : ( اهدنا الصراط المستقيم )
أما من السنة روى أحمد في مسنده : أن رجلاً جاء الى رسول الله ، فقال : يا رسول الله ، قل لي في الاسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( قل آمنت بالله ثم استقم ) .
عوائق الاستقامة
أولاً : التعلق بالشهوات :
*********************
وهكذا ، إذا تعلق القلب بأي شئ ، فيكون هذا الشئ شهوة ، ومن تعلق قلبه بغير الله عٌذب به. وقد يعتقد البعض أن المقصود بالشهوات هي الحب والمنكرات فقط ، وهذا خلاف الواقع ، فالشهوات : اسم جامع شامل لكل ما يفتن به الانسان ، فالزوجة شهوة ، والولد شهوة ، ويتفاوت الناس في هذا ؛ بل البعض تكون شهوته في اهتمامه بمظهره وشكله وهندامه ،فتشغله هذه الأمور عن الأهم .
فهو يرى الحق أمامه أبلج واضحاً ولكن نفسه قد تعلقت بهذه الشهوة . فهو أسير لها لا يستطيع أن ينتصر على نفسه ، فالتجرد من الشهوات مطلوب لفك أسر قلبه .
ثانياً: الجليس :
************
لقد فكر كثير من الشباب في أن يستقيموا ويعودوا الى الله ، ولكن رفقاءهم لم يتركوهم ، والبعض قد يهجر رفقته ويستقيم ، ولكن ينتكس مرة أخرى .
ويجب ألا يحصر اللفظ في زاوية ضيقه ، فالجليس هنا ليس المقصود فيه جليس السوء فقط ،بل ربما كان جليس خير ولكنه يعيق عن الإستقامة .
كيف ذلك ؟
لو كان هذا الجليس هو أحد أخواتك اللاتي تتوسمين فيهن الخير ، وحصل بينكن الذهاب والمجئ بلا فائدة ، وضاع الوقت بلا حساب ، فغالباً ما تنقص الروحانية ، ويحصل الكسل بالعبادة .
ويجب أن تواجهي نفسك بالحقيقة : فلو أن أختك هذه سرقة مالكِ لغضبت وهجرتها وعنفتها ، فكيف وهي تسرق أثمن ما تملكين ، وقتك وريعان شبابك فيما لا ينفع ؟
ثالثاً : عدم تصور خطورة الأمر :
****************************
وهذا من العوائق التي يقع فيها الكثير من الشباب ،فتجده يقول : الحمد لله الصلاة محافظ عليها ، وأصوم ، وأحفظ من القرآن ، وأحضر الدروس و ………و …….. و ……….
ولكن ينسى أن هذه الامور ليست مضمونة القبول ، وقد كان السلف يعملون الأعمال ويخافون ألا تقبل ، وأما الخلف فلا يعملون ويرجون القبول .
إنه ينبغي على الشاب أن يستقيم ويتورع عن المعاصي وعن الصغائر كذلك ، فلا صغيرة مع إصرار ، ولا كبيرة مع استغفار .فهذه المعاصي تتكالب على العبد وقد تؤدي به إلى سوء الخاتمة . كما أنه يجب على المسلم أنه إذا عمل سيئة أن يتبعها بحسنة تمحها .
والمتأمل لسير الناس يجد أن هناك من عمل أعمالاً صالحة لسنوات طويلة ثم مات على معصية لأنه كان لا يستقيم على الطاعة ولا يتورع عن المعصية . فيجب على الشاب أن يتيقن أن رضاه بحالته بداية نهايته .
وقد كان السلف على قدر عملهم وإخلاصهم يقول أحدهم ( ما تعبت في شئ كتعبي في تمحيص نيتي ) .
وقد كان أحد السلف يقرأ القرآن ، فجاء الى قوله تعالى : ( وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً ) فبكى وأخذ يبكي حتى طلع الفجر .
رابعاً : الفهم الخاطئ للوسطية :
**************************
يتفق الجميع على أن الغلو أمر منبوذ ، وأن التفريط كذلك أمر منبوذ ، وأن الوسطية مطلوبة ،وكان أحدهم يستشهد ويقول ( خير الأمور الوسط ) .
والأمة المحمدية هي أمة وسطية قال تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) ، بل إن سنة الله في كونه قائمة على الوسطية .
ولكن وهنا مربط الفرس ونقطة الإختلاف …
ماهي الوسطية وما هو ضابطها ؟
الوسطية : هي بالمفهوم الشرعي ما كان عليه الرسول وأصحابه ، فالذي نهى عن الغلو هو النبي وأول من خوطب بالوسطية وأن هذه الامة وسط … هو الرسول صلى الله علية وسلم . فلا شك أن المعيار في الوسطية هو حياته عليه الصلاة والسلام وأصحابه ، فما زاد عنه فهو غلو وما نقص عنه فهو إهمال وتفريط وتكاسل . ويختلف كل بحسبه .
خامساً :القدوة السيئة :
********************
قد يجد الشاب من بعض إخوانه الذين سلكوا طريق الخير بعض الأخطاء والتقصير وبعض الزلات …
فهنا لا ينبغي للشاب أن يتوسم في أخيه القدوة التامة التي لا يشوبها النقص ، فلا يوجد إنسان كامل بعد رسول الله . وهنا يجب على الشاب أن ينمي في نفسه روح الحوار و ألا يستسلم ويتلقى كلام إخوانه كأنه وحي من الله لا خطأ فيه ، بل يجب عليه أن يأخذ من كل إخوانه أفضل صفاتهم ويقتدي بها . أما أن يقتدي الشاب بأحد إخوانه فقط في جميع أموره وكل حياته فهذه تبعية وليست قدوة .
سادساً: ضغط البيئة :
*******************
قد تضغط البيئه على الانسان ، فقد يكون في بيت غير محافظ ، وهناك نوع من الضغط الذي يتعرض له كثير من الشباب ألا وهو السخرية والاستهزاء .
وهنا يجب أن يعلم الشاب أن هذه سنة الله في خلقه ، فالأنبياء قد سخر منهم واستهزأ بهم ، وعزاؤنا أن هؤلاء ليسوا خيراً من الأنبياء ، وقد استهزأ بهم وصبروا ، فما بالك بغيرهم ؟
وهذا من الإبتلاء الذي يبتلي به الله عز وجل عباده ، كما أنه لا يوجد إنسان يسلم من هذه الإبتلاءات في الغالب الأعم . وهذا دليل صدق العبد وصلاح نيته ، كما ذكر العلماء .
سابعاً : ضعف القدرة على اتخاذ القرار :
**********************************
فكثيراً ما يمني الإنسان نفسه بأن يفعل ويفعل ، وأنه سيصبح ويصبح ، ويظل يحدث نفسه ، ولكنه لا يستطيع اتخاذ قرار في ذلك .وهذا ناتج من الإغراق في الامور الغير مهمة من الأمور المباحة وغيرها .
كما أنه ناتج لضعف الهمة وضعف الارادة . فليس من صفات المسلم أن يتمنى على الله الأماني ، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه .
أسباب تحصيل الإستقامة
أولاً : التوبة :
~~~~~~~~
وهي التخلي عن سائر الذنوب والمعاصي والندم ، على كل ذنب سلف
قال تعالى ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )
وقال الرسول ( يا أيها الناس توبوا الى الله ، فإني أتوب اليه في اليوم مائة مرة )
فإن المسلم تطهر نفسه وتزكو بعمل الحسنة ، وتخبث بعمل السيئة ، فلذا وجب التوبة حتى تزكو النفس وتستقيم على شرع الله .
ثانياً : المراقبة :
**************
وهي أن يأخذ المسلم نفسه بمراقبة الله تعالى ويلزمها إياها في كل لحظة من اللحظات حتى الممات .
ولا يمكن أن تستقيم نفس لا تراقب الله في خلواتها :
واذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلــــــوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحـــسبن الله يغفل ســــاعـــة ولا أن ما تخـــــفي عليه يغيب
ثالثاً : المحاسبة :
****************
هي أن يخلو بنفسه ساعة من آخر كل يوم يحاسب نفسه فيها على كل عمل يومه ، فان رأى نقصاً في الفرائض لا مها ووبخها ، قام الى جبره في الحال ، فإن كان مما يقضى قضاه ، وإن كان مما لا يقضى جبره بالإكثار من النوافل ، واستغفر وندم وتاب وأناب .
قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد )
وهذا أمر بالمحاسبه على ما تقدم لغدها المنتظر .
رابعاً : المجاهدة :
****************
وهي أن يعي المسلم أن أعدى أعداءه إليه هي نفسه التي بين جنبيه وأنها بطبعها ميالة إلى الشر فرارة من الخير ، أمارة بالسوء .
فاذا عرف المسلم هذا عبأ نفسه لمجاهدة نفسه فأعلن عليها الحرب وشهر ضدها السلاح .
قال تعالى ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين )
مفاهيم يجب ان تصحح في مفهوم الإستقامة
1) الإستقامة أمر بحاجة إلى تجديد دائم .
2) أن الانسان حتى لو استقام فلن يخرق العادة ولن يكون في مأمن من ابتلاء الله تعالى له ، بل تمضي عليه سنن الله في خلقه .
3) الاستقامة ليست ثوب يرتدى في لحظة ، بل هو أمر بحاجة إلى مجاهدة ومثابرة .