نعتذر لروح شيخنا الشعراوي علي سوء فهم الكثيرين لحديثه عن الثائر الحق والتي لتزال احدي القنوات الفضائية تردده ليل نهار بهدف تثبيط الهمم والتحامل علي الثائرين فالشيخ الجليل رحمة الله عليه جعل هدوء الثائر لكي يبني الامجاد شرط معلق علي القضاء علي الفساد فهل نحن قضينا علي الفساد فعلا يقينا في ظل عام مضي علي الثورة وما حدث خلالها من قتل وسحل ومحاكمات عسكرية للثوار وترهيبهم واساءة سمعتهم في الوقت الذي لانجد محاكمات عادلة لمن اشاع الخراب والقتل في بلادنا أثناء الثورة وبعدها ناهيك عن قبلها وتشجيع لكل المدافعين عن النظام السابق او مايسمي تعزيز للثورة المضادة يقول الامام علي رضي الله عنه :" للظالم من الرجال علامات :يظلم من دونه بالغلبة (القهر)ويظاهر(اي يعاون) القوم الظلمة" فحين نضع الاليات التي تحاسب الحاكم عما قد يقترفه في حق شعبه كما هو الحال في البلاد المتقدمة نكون بدأنا طريق الاصلاح والبناء وماعدا ذلك فهو هراء فرسول الله (ص)حينما جاءه أحد الصحابة قائلا اوجعتني يارسول الله وذلك في أثناء تنظيم صفوف القتال فكشف (ص)عن بطنه وقال له اقتص مني "ويقول (ص)" أذا رأت أمتي الظالم ولم تأخذ علي يديه يوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده"وكان عمر بن عبد العزيز يقول :"أن الله لايعذب العامة بعمل الخاصة فأذا المعاصي ظهرت فيهم فلم يغيروا أخذت العامة والخاصة "ان مساءلة الحاكم وكل شخص في موقع المسؤولية هوصنعة ومنهج اسلامي صميم أخذه عنا الغرب في عصوره الوسطي فبني حضارته وصرنا نحن نعيش كالعبيد لكل ظالم مستبد فتخلفنا وكأنه لم تمر علي أمتنا تجربة تاريخية عظيمة كان فيها الحاكم هو عامل عند شعبه لاسيد انه ماقامت ثورتنا الا لاحياء قيمة الانسان الذي كرمه الله وحرم ظلمه فاذا بالطغاة يضعونه تحت أقدامهم ويستذلونه .يقول أحد المفكرين الاسلاميين والذي كان الاب الروحي لانطلاق الثورة في ايران قبل أن تغتاله قوات الشاه وهو علي شريعتي أن القران الكريم يعلمنا "أن طريق الخلاص في الاخرة هو الخلاص في الدنيا وطريق جنة المسلمين يمر بحرية المسلمين ويقظتهم وعلمهم وأن كل من يموت هنا ذليلا يبعث هناك ذليلا أيضا قال تعالي (ومن كان في هذه أعمي فهو في الأخرة أعمي وأضل سبيلا )الاسراء:72 علموا أن كل من يستسلم للظالم فهو عون للظالم وأن الاسلام يوجد في العزة والقوة والجهاد والعدالة وأن ديننا ليس دين تبرير الفقر هو الدين الذي يعتبر الفقر جار الكفر اللاصق (كاد الفقر أن يكون كفرا )يقول ابو ذر "عندما يدخل الفقر من باب دار يخرج الدين من الباب الاخر"وعلي بن ابي طالب يحذر ابنه قائلا :" بني استعذ بالله من الفقر فان الفقر منقصة من الدين ومدهشة للعقل وداعية للمقت "
"وصراعي موسي وابراهيم عليهما السلام مع فرعون ونمرود يصرحان بأن الصراع الحقيقي بين الانبياء والمشركين كان صراعا سياسيا جوهره تحرير الأفراد من التسلط السياسي علي رقابهم وأموالهم وشئونهم العامة "( دراسة بعنوان النظرية السياسية في القران الكريم)يقول وول ديورانت "لا يوجد نبي حرض أتباعه علي القوة ورغبهم فيها بقدر مافعل محمد ولم يوفق نبي قط قدر توفيقه في هذا الامر هو نبي هذه الحياة الدنيا نبي حكومته العدل نبي العمل والانتاج وهو أكثر زهدا من كل الزهاد وكل حياته في خدمة المجتمع والناس"
ومن هنا قال الجنرال سوستيل الذئب المتوحش للاستعمار الفرنسي في افريقيا :"ان القران ليس كتابا دينيا انه كتاب علماني انه بدلا من أن يدعو الي الزهد والعبادة والعفو والتفكير في الموت والروح والاسرار الميتافيزيقية والمصير النهائي للانسان يدعو العرب الي الحرب والنصر والانتقام والتمرد ولا يوجد كتاب يستطيع أن يحرض الجماهير الغفيرة وعامل مؤثر فيه مثل القران ولا يوجد كتاب مثله قادر علي التأثير علي الحقد والخصومات ولا يوجد كتاب أقدر منه علي أثارة النخوة والهياج السياسي"وكان جلادستون رئيس الوزراء اليهودي "قد ألقي بالقران علي المنصة بغضب في مجلس العموم الانجليزي وقال :مادام هذا الكتاب موجودا بين المسلمين فمن المحال أن يسود الهدوء والطاعة للاستعمار الانجليزي في الاراضي الاسلامية"أن هؤلاء يحثون أكثر من أي انسان آخر كيف أن القران أذا قرئ لا كورد من أجل ثواب الأخرة بل ككتاب يخلق اليقظة والعزة ويبدل قوة الايمان الي قوة وعصيان ضد الظلم والذلة والجهل وانظر كيف يصور القران جماعة مسلمة علي عكس الصورة الموجودة في المجتمع وفي (أذهان الكثيرين)(والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة أمرهم شوري بينهم ومما رزقناهم ينفقون. والذين أذا أصابهم البغي هم ينتصرون . وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفي وأصلح فأجره علي الله أنه لايحب الظالمين . ولمن انتصر بعض ظلمه فأولئك ماعليهم من سبيل . انما السبيل علي الذين يظلمون الناس ويبغون في الرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم)الشوري 38:42 .وهنا ينبغي أن نفرق بين الظلم الفردي الذي قد يتسامح أو يقتص الانسان من ظالمه بالطرق القانونية وبين الظلم العام الذي يقع علي شعب بأكمله من جراء حاكم ظالم مستبد لأن الرضي والاستسلام هنا يؤدي الي انتشار الظلم والفساد واستفحاله الذي قد لاتتأثر أحيانا به شخصيا ولكنه يؤثر علي الكثير من الضعفاء والفقراء وعامة الشعب ويعتبر النأي عن التفكير فيهم هو من الأنانية والكبر من هنا أتت أحاديث الرسول (ص)وصحابته الكرام في الوقوف بكل حزم تجاه ارادة فرد أو شرذمة تملي ارادتها علي ملايين البشر من أجل مصلحتها الشخصية ووعد الله بالنصرللفئة الثائرة علي الظلم هو سنة الهية قال تعالي (ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)وجعل الله الهلاك والدمار هو مصير من يستسلم للظلم دون مقاومته قال تعالي (وماكنا مهلكي القري الا وأهلها ظالمون)ولايسلم من هذا العقاب الالهي في الدنيا حتي العابد ويوضح الشيخ محمد عبده هذا المعني قائلا :"أخطأ المسلم في فهم ماورد في دينه من أن المسلمين خير الامم فظن أن الخير ملازم لعنوان المسلم وأن رفعة الشأن تابعة للفظه وان لم يتحقق شئ من معناه فأن أصابته مصيبة أو حلت به رزية تسلي بالقضاء وانتظر مايأتي به الغيب بدون أن يتخذ وسيلة لدفع الطارئ أو ينهض الي عمل لتلافي ما عرض من خلل أو مدافعة الحادث الجلل مخالفا في ذلك كتاب الله وسنة نبيه " كما أن عدم مواجهة الظلم فيه تهوين لأوامر الله حين يقول تعالي (ومالله يريد ظلما للعباد)